بداية الرحلة عام 1519م

في سبتمبر من عام 1519، شَرَع ماجلان في رحلته، وذلك كجزء من محاولة إستثنائية للعثور على طريق غربي يؤدي إلى جزر الهند الشرقية (إندونيسيا الحديثة) المعروفة بثراءها من التوابل.

بنجاح، قاد ماجلان الرحلة وعبر المحيط الأطلسي، عبر مضيق جنوب أمريكا الجنوبية ومناطق شاسعة من المحيط الهادئ. في منتصف الرحلة، تعرض ماجلان للقتل أثناء إشتباكه مع سكان جزيرة ماكتان”Mactan” في الفلبين. إن وفاة ماجلان لا تعني فشله رحلته في الدوران حول الأرض، إذ استمرت الرحلة بدونه! لكن لماذا تم تخليد اسمه في السجلات التاريخية على أنه أول من دار حول الأرض؟ دعونا نعود إلى الماضي. كان للمستكشف والمسافر ماجلان آنذاك مشروع يقوم على إستكشاف الغرب بهدف الوصول إلى جزر التوابل. ترى لماذا كانت التوابل مهمة بهذه الدرجة؟

في القرن الخامس عشر، إزدادت قيمة التوابل إقتصادياً بشكل كبير ودارت المنافسة بين دول أوروبية مختلفة لإكتشاف الطرق التي تؤدي إلى جزر التوابل. وبالطبع، كان من الصعب جداً زراعة التوابل في المناخ البارد والجاف لأوروبا. هنا تجلَّت عبقرية ماجلان في فكرة إستكشاف النصف الآخر من الكرة الأرضية ليسلك طريقاً معاكساً يؤدي إلى جزر التوابل. وعلى الرغم من ذلك، واجه مشروعه هذا الرفض مراراً من قبل الملك البرتغالي مانويل. وعلى الرغم من التنافس الشديد بين البرتغال وإسبانيا في تلك الفترة من أجل الوصول إلى جزر التوابل، إلا أن مانويل كان يرفض دعم مشروع ماجلان. بالنسبة لفرديناند ماجلان، كان لديه إصرار قوي على تحقيق مشروعه الجديد والمبتكر على مستوى العالم. وبعد رفض الملك مانويل لتمويل رحلة ماجلان الخطيرة والمليئة بالمجاهيل، يأتي المدهش في هذا السياق؛

خطوة ماجلان الجريئة المتمثلة بمغادرته للبرتغال واستقراره في مدينة إشبيلية الإسبانية، البلد المنافس. وعلى الرغم من ولادته ومعيشته في البرتغال، إلا أن ماجلان أبحر نيابةً عن إسبانيا. يُذكر أن سبباً آخراً لمغادرته البرتغال كان تعرضه للإتهام بالتجارة غير القانونية مع المغاربة. وبسبب قيادته طاقماً بحرياً يتألف أغلبيته من الإسبان، إعتُبِرَ ماجلان خائناً في عيون البرتغاليين. وعندما وصل إلى إسبانيا، غيّر اسمه من فيرناو (بالبرتغالية) إلى فيرناندو، وتزوج من إبنة إحدى الشخصيات المهمة في إشبيلية. فيما يتعلق بالرحلة نفسها، قدم ماجلان جهوداً إستثنائية إستمرت لمدة عامين، من خلال التحليل والدراسة المكثفة لخرائط الملاحة، بهدف تجاوز أخطاء الرحالة السابقين. وبفضل موافقة الملك تشارلز الخامس والتمويل الذي تم توفيره، إنطلق ماجلان في رحلته الجريئة. إختار طريقاً جديداً نحو جزر التوابل، يختلف عن الطرق الشرقية المعتادة التي سلكها البرتغاليون.

في تاريخ العاشر من أغسطس عام 1519، بدأت الرحلة رسمياً. إنطلق الأسطول المؤلف من خمس سفن، وكان عدد الجنود على متنها يتجاوز حوالي 270 جندياً. وقاد ماجلان الأسطول بواسطة سفينة من السفن الخمسة، والتي تحمل اسم “تريناداد” وهي منسوبة له.