مُدَرَّجُ الكُوْلُوسِّيُوْم - سَاحَةُ قِتَالٍ أَمْ حَلَبَة لِمعارِكِ السفن؟!

محتويات

1. الكولوسيوم : تحفة هندسية وحلبة مميتة!

• إنه أكبر مدرج في العالم بمساحة ارضية بقيمة 24 ألف متر مربع ويستوعب قرابة ال 50 ألف مشاهد.
• من عجائب روما القديمة والذي قتل بين جدرانه حوالي 400 ألف.
• منه استوحوا فكرة ملاعب كرة القدم.
• تحفة هندسية ملحمية قائمة عبر التاريخ، إنه الكولوسيوم.

لنغوص في التاريخ ونعرف بماذا استخدم هذا المدرج. فكما هو شائع، كان يستخدم لخوض معارك المصارعين حتى الموت. بل قيل أنهم أضافوا الحيوانات المفترسة أيضا لتلك المعارك. ماذا عن استضافة الكولوسيوم لمعارك السفن البحرية؟ لنعرف معا كل أنواع المعارك التي استضافها الكولوسيوم وكيف كان يتم تجهيزه ليصبح بمثابة بحر لمعارك السفن!

بصفة عامة، اشتهر الكولوسيوم باستضافة هذا النوع من المباريات بالتحديد، معارك المصارعين حتى الموت. يشارك في هذه النزالات رجال مختصون يتصارعون حتى الموت أمام مرأى الجميع، ويقول البعض أن النساء قد شاركوا أيضا في هذه المعارك. إن فكرة هذه الرياضة المميتة تهدف بشكل أساسي إلى تسلية المشاهدين، عجيب! إضافة إلى ذلك، كانت إقامة هذه الرياضة المميتة في الكولوسيوم بمثابة فرصة للحكام الأباطرة والأرستقراطيين الأغنياء، لعرض ثرواتهم للجمهور.أو حتى لإحياء ذكرى الانتصارات العسكرية و الإحتفال بزيارات المسؤولين المهمين وأعياد الميلاد. قد تعقد هذه النزالات أيضا لإلهاء الجمهور عن المشاكل السياسية والاقتصادية التي تتعرض لها روما في ذلك الوقت.

2. الجلاديتورز معارك المصارعين حتى الموت

عندما تبدأ المباراة، يدور المصارعان حول بعضهما البعض عارفا كلا منهما أن هدفه هو تشويه أو محاصرة خصمه في البداية بدلاً من قتله بسرعة. وذلك لأنه لابد من تسلية الجمهور كهدف أولي. بعدها وبشكل مفاجئ، ترى بأن أحد المصارعين قد حاصر الطرف الآخر بشبكة تقيد حركته، ثم ينقض عليه لقتله. على الرغم من ما هو متعارف عليه، في بعض الأحيان لم يقاتلوا حتى الموت. حيث كان لديهم حكام يشرفون على الحدث، وربما يوقفوا القتال بمجرد إصابة أحد المشاركين بجروح خطيرة. مصير المباراة يعتمد على مدى أهمية المصارعين وتكلفتهم ورغبة الجمهور بمشاهدتهم مرة أخرى.

هذا لأن المصارعين كانوا عبيدا لدى مالكيهم في أغلب الأحيان. فنظراً لتكاليف إيواءهم وإطعامهم وتدريبهم ، كان مالكوهم يتجنلون خسارتهم ورؤيتهم يقتلون بلا فائدة. ومع ذلك وبشكل عام، كانت حياة المصارع الجلادييتور وحشية وقصيرة حيث ينقل بأن معظمهم عاشوا حتى منتصف العشرينات من العمر فقط! وقد قدر المؤرخون أن ما بين واحد من كل خمسة مباريات أجريت، تركت أحد المشاركين فيها ميتًا. في حالات نادرة، يُسمح لكلا المحاربين بمغادرة الساحة بشرف، وذلك فقط عندما يقدموا عرضًا مثيرًا للجمهور. ففي المسابقات التي تعقد في الكولوسيوم ، كان للإمبراطور الكلمة الفصالة فيما إذا كان المحارب المطروح يترك ليعيش أو يقتل. لكن الحكام ومنظمي القتال غالبًا ما يتركون القرار للجمهور. غالبًا ما تُظهر اللوحات والأفلام الحشود وهم يشيرون إلى “الإبهام لأسفل” عندما أرادوا إنهاء حياة المصارع الضعيف.

الجدير بالذكر أن ما سبق قد لا يكون دقيقًا، حيث يعتقد بعض المؤرخين أن علامة الموت قد تكون في الواقع هي الإبهام لأعلى. في حين أن القبضة المغلقة بإصبعين ممتدة ، أو الإبهام لأسفل ، أو حتى منديل التلويح قد يشير إلى الرحمة، أي “أبقوا على حياته”. مهما كانت الإيماءة أو الاشارة التي تم استخدامها، إذا أراد الجمهور أن تزهق روحه، فسيقوم المصارع المنتصر بتقديم طلب “رحمة مروعة”. يكون ذلك عن طريق طعن المصارع لخصمه بين شفرات الكتف أو من خلال العنق وفي القلب، ليريحه من آلامه .. عجيب!

إلى جانب ما ذكر وبهدف تسلية المشاهدين، كانوا يضيفون الحيوانات المفترسة للمباريات. إذ يتم فتح أبواب مصيدة في أرضية الحلبة، فتندفع الأسود والدببة والخنازير البرية والنمور إلى الحلبة. تتجه هذه الحيوانات الجائعة نحو مجموعة من المجرمين المدانين الذين يحاولون الفرار داخل حلبة الكولوسيوم ومصارعة الواقع للبقاء على قيد الحياة. نعم، فلم يكن البشر وحدهم من قتلوا داخل الكولوسيوم. فقد مات حوالي المليون حيوان على مدى الثلاثمائة وتسعين عامًا التي كان فيها المدرج نشطًا. إلى جانب ما سبق، تم تقديم رياضة تسمى venatio، والتي تُترجم حرفيًا إلى الصيد وتحديدا في المدرجات. كانت تتمثل بصيد وقتل الحيوانات البرية وغالبًا ما يحدث هذا في الصباح قبل معارك المصارعة. الحيوانات المستخدمة في أحداث هذه الرياضة هي حيوانات مميزة يتم الحصول عليها من أماكن مختلفة حول العالم. الأمر الذي يعتبر في حد ذاته عرضًا لثروة الامبراطورية. فقد تم أخذ النمور من شمال إيران والهند، وأحضرت من مصر التماسيح وأفراس النهر. كما قدمت أجزاء أخرى من شمال إفريقيا الأسود والنمور والفهود والضباع والفيلة .ومن شمال أوروبا جاءت الأيائل والبيسون والأراخس الشرسة ، وهي أنواع من الأبقار البرية المنقرضة حاليا.

معارك الجلادييتورز حتى الموت داخل الكولوسيوم.

3. معارك السفن البحرية في الكولوسيوم

فيما يتعلق باستضافة الكولوسيوم لمعارك السفن البحرية، تم تداول صحة هذا الخبر عبر التاريخ. فيعتقد أن الكولوسيوم لم يبنى فقط من أجل حروب الجلادييتورز، بل أيضا كان يستضيف مباريات بين السفن عن طريق ملئه بكميات ضخمة من المياه. لكن علميا لمعرفة ذلك يجب أن نعود في الزمن إلى الوراء. إن مهندسي روما القديمة قاموا بانشاء قنوات مياه ضخمة “قنوات بون دو جارد” والتي تعتبر أيضا إلى جانب الكولوسيوم، من عجائب روما القديمة. إنها تمثل أيقونة ضخمة للتكنولوجيا الرومانية وتعتبر أطول بناء روماني في العالم. لا يزال هذا الهيكل القديم قائمًا بفضل الأسمنت الروماني الفائق القوة فنرى بأن هذه القنوات الضخمة تعبر التلال والوديان والمدن. للحفاظ على تدفق المياه من الينابيع المحيطة بروما، قام المهندسون بحفر الخنادق حول التلال وتغطيتها بالطوب والتربة. للتغلب على الجبال العالية، يقومون بحفر الأنفاق من خلالها مباشرةً مع وجود أعمدة في السقف للتهوية. لعبور الوديان، قاموا بتوجيه المياه عبر الأنابيب. ولتوجيه المياه إلى روما، قاموا ببناء قنوات مائية قوية.

حتى اليوم، نجد أن نافورة “تريفي” الرائعة، لا تزال تزود بالمياه من قناة قديمة. لكن في القرن الأول يمكن أن يكون هناك استخدام آخر مذهل لقنوات المياه وذلك لإطلاق رياضة المعارك البحرية العملاقة التي تدورداخل ساحة الكولوسيوم. إذا كيف تم ملئ الكولوسيوم بالمياه والسفن الحربية؟ هناك دليل مدفون بجوار الكولوسيوم. نفق بعرض 3 أقدام يمتد مباشرة تحت الجدران. يعتقد علماء الآثار أنه قد يغذي مجموعة من القنوات الضحلة الغريبة والتي تنتهي إلى منتصف الحلبة. هذه القنوات يمكن أن تكون بقايا من نظام هيدروليكي عملاق وذو قوة هائلة تكفي لملئ الكولوسيوم بالمياه. فيتمكن الحضور من مشاهدة مباريات سفن حربية لا سابق لها في التاريخ! أسطورة معارك السفن هذه تأتي من نصٍ تاريخي قديم يصف ساحة الكولوسيوم بأنها تفيض “في غضون ساعات فقط” عجيب!

كيف يمكن لهذا أن يحدث ؟ تشير عالمة اﻵثار فاليري هيجنز “valerie Higgins” إلى أن مجوعة من إحدى عشرة قناة كانت تمد روما القديمة بالمياه العذبة مباشرة .تقول نظرية فاليري أنه عندما قاموا ببناء الكولوسيوم، تم إضافة خزان مياه ضخم في مكان ما بالقرب من المدرج. يخزن هذا الخزان كمية كافية من الماء لإغراق الكولوسيوم بطريقة شبه فورية. فيملأ المدرج بثلاثة ملايين ونصف المليون جلن من المياه. تحت المدرج، شبكة من القنوات الدائرية توزع المياه المخزنة بسرعة وبشكل متساوٍ في أرضية الملعب. لاحقًا، أربعة قنوات صرف ضخمة، يتم فتحها لطرد المياه خارج الكووسيوم.

رغم هذا التفسير العلمي، نشأت بعض التساؤلات عن مدى قدرة تحمل أرضية الكولوسيوم الخشبية لوزن الثلاثة ملايين ونصف جلن من المياه.

صورة توضيحية لمعارك السفن داخل الكولوسيوم.

مقالات متنوعة أخرى

أحدث المقالات

قد يعجبك أيضاً

Scroll to Top