إساهمات ابن الهيثم العلمية

كتاب البصريات يعتبر من أشهر أعمال ابن الهيثم والذي اكتمل حوالي عام 1021م. في هذا الكتاب، إقترح ابن الهيثم أن الضوء ينتقل في خطوط مستقيمة من الأشياء إلى العيون، بدلاً من النظرية اليونانية القديمة القائلة بأن الرؤية ناتجة عن الأشعة المنبعثة من العين. كما يُروى بأنه ألف كتاباً عن الميكانيكا يصف فيه قوانين الحركة ومفهوم القصور الذاتي. أحد أبرز إنجازاته كان عمله على الكاميرا المظلمة، التي استخدمها لدراسة سلوك الضوء. إن الكاميرا المظلمة تتمثل بجهاز يعرض صورة للعالم الخارجي على سطح داخل غرفة مظلمة باستخدام ثقب أو عدسة. إستخدم ابن الهيثم حجرة الكاميرا لإظهار أن الضوء ينتقل في خطوط مستقيمة، وهو ما كان أمراً خارج عن الإعتقاد السائد بأن الرؤية تنتج عن الأشعة المنبعثة من العينين. جهاز الكاميرا المظلمة كان قد مهد الطريق للكاميرا الموجودة بين أيدينا اليوم! بالإضافة إلى عمله في البصريات، قدم ابن الهيثم مساهمات كبيرة في الرياضيات، بما في ذلك تطوير معضلة بازل، وهي طريقة لإيجاد مجموع القوى الرابعة للأعداد الصحيحة. كما نشر أعمالاً في علم الفلك ونظرية الموسيقى والفلسفة.

من أهم مساهمات ابن الهيثم في علم الفلك عمله على حركة الأجرام السماوية ودحض الفكرة اليونانية القديمة القائلة بأن الأرض هي مركز الكون. إقترح بدلاً من ذلك نموذج مركزية الشمس الذي تكون فيه الشمس مركزاً للنظام الشمسي. كما إقترح أن تتحرك الكواكب في مدارات إهليلجية حول الشمس (Elliptic Orbit)، وهو ما كان خروجاً جذرياً عن مدارات بطليموس الدائرية. أفكاره حول نموذج مركزية الشمس كانت قد عبدت الطريق لعلماء الفلك اللاحقين مثل كوبرنيكوس وجاليليو لتطوير نظرياتهم الخاصة حول حركة الأجرام السماوية.

إضافة لذلك، ابن الهيثم أول من درس عدسة العين. أدت أبحاث ابن الهيثم حول قوة العدسات المكبرة إلى إبتكاره الرائد لأول نظارات في العالم. ساهم بحثه البصري أيضاً في تطوير أدوات قياس البصر الأولى المستخدمة لتشخيص ضعف البصر وتصحيحه. فمن المرجح أن يكون عمل ابن الهيثم على البصريات وتطويره لطريقة جديدة لتحديد مواقع النجوم قد أثر على تطور التلسكوبات. فباستخدام العدسات والمرايا لتجميع الضوء وتركيزه، سمحت التلسكوبات لعلماء الفلك بمراقبة الأجسام البعيدة في الفضاء وإجراء إكتشافات جديدة حول الكون. على غرار التلسكوبات، تستخدم المجاهر أيضاً العدسات لتكبير الضوء وتركيزه. من المحتمل أن يكون عمل ابن الهيثم على البصريات وفهمه لكيفية استخدام العدسات للتلاعب بالضوء قد ساهم أيضاً في تطوير المجاهر في وقت مبكر من الزمن، والتي كانت تستخدم لمراقبة الكائنات الدقيقة والتركيبات ودراستها، مما قد فتح الآفاق للعديد من الإكتشافات البيولوجية.

نعم، كان لإسهامات ابن الهيثم الرائدة في البصريات والرياضيات وعلم الفلك والفيزياء تأثير عميق على تطور العلوم والتكنولوجيا، ولا يزال إرثه مصدر إلهام للعلماء والمخترعين في جميع أنحاء العالم!