فنون العصور الإسلامية
ما هي أبرز الآثار النفسية عند النظر والتأمل بهذا النوع من الفنون الإسلامية؟
إنه فن أصيل، بعيد كل البعد عن التقليد والتشبه بأي فن آخر. بل إنه من أرقى الفنون التي عرفها العالم! جمال الفن الزخرفي الاسلامي مليء بالأسرار ويمتد أثره لسلوك وعبادة الانسان وحتى روحه! بل يؤثر أيضاً على الفن الغربي، ولكن كيف؟ كل هذا وأكثر في هذا المقال.
العصور الإسلاميّة أظهرت إهتماماً كبيراً بالفن, حيث نشأت ثقافات إسلامية بأشكال مختلفة وبالتحديد في المنطقة الواقعة بين الهند وإسبانيا. يعتبر فن العمارة الإسلاميّة أحد أهم هذه الفنون والذي تفرد بطابعه الخاص في العالم الإسلامي حيث تجسد بوضوح في العديد من المساجد والمدارس الدينيّة آنذاك. ظهر أيضاً فن يشمل كلّ ما يتعلق بالكتّاب (سواء كان لوحاً أم تجليداً أم خط يد) ويسمى بفن الكتّاب أو فن “المنمنمات”. إضافة إلى هذه الفنون يوجد الفن الزُّخرفيّ أو ما يُعرَف بالزَّخرفة الإسلاميّة. فقد شهدت هذه التقنية تطوّراً ملحوظاً حتى يومنا هذا. الفن الزخرفي باختصار: يتمثل باستخدام الخطوط الزخرفية بأسلوب فريد ونمط خاص وتكوين مميز مليء بالأسرار!
أسرار الفن والزخرفة الاسلامية
الآن لنغوص في أبرز أسرار الفن والزخرفة الاسلامية حسب آراء بعض المهتمين في هذا المجال. إن الجمال سواءً كان في الحياة الطبيعية أو كان من عمل الحرفيين مثل الزخرفة الاسلامية، يمكن أن يكون هذا الجمال حافزاً علي الذكر وعبادة الله تعالى. فمن وجهة نظر أحد المهتمين بأبحاث الفن الاسلامي “إن جمال الفن الإسلامي يجذب الحب البشري والإلهي”.
نعم, فسواءً كان الشخص يصلي أو حتى يتجول في المساجد الجميلة في إسطنبول أو أصفهان، لا يسع المرء إلا أن يشعر بالحب والحبيب – أي الله عز وجل – بغض النظر عن الظروف المحيطة في الخارج. هذا الوجود اللطيف والمرتبط بين الجمال والمحبة يتسبب في السكينة: السلام العميق. بعيداً عن التعقيد، الأمرُ أشبه برسالة نصية تذكرك بوجود الله! وهذه تعد واحدة من أكثر السمات المميزة لهذا الفن العظيم. هذا الأمر يمتد عن كونه مجرد فن زخرفي. حيث يقول أولوداميني، أحد الكتاب المعنيين في الفن الاسلامي: “أن الحب يعلق نفسه دائماً بجمال ما”. أي عندما تكون المساجد وأماكن التعلم جميلة فإننا ننجذب إليها. وكذلك عندما يكون الكلام جميلاً، فإننا ننجذب إليه. ببساطة, الجمال يلهم الحب، والحب يحرك أرواحنا الغافلة. ويضيف أيضاً أن الفنون الإسلامية وتحديداً الزخرفة الاسلامية, تتواجد كبوابات نستطيع من خلالها الوصول إلى أعمق حقائق الكون وأنفسنا. فكما يقال أنه لدرجة ما “أجسادنا تصبح عبارة عن ما نأكله” وعلى هذا النسق فإن أرواحنا أيضاً, تصبح ما ننظر ونستمع إليه ونقرأه ونفكر ونتمعن به. مدهش!
ويُقال أيضاً بأن التعدد والإختلاف في الأشكال الزخرفية يرمز إلى عالم المظاهر الخارجي, بينما كلما إقتربنا من الوسط يقل هذا الإختلاف حتى ينعدم نهائياً في المنتصف وتتحقق الوحدة والإتحاد بين جميع أجزاء الرسمة الزخرفية, وهذا يرمز إلى العالم المعنوي. لنأخذ القبة كمثال: إذ تزداد الوحدة بين الزخارف المرسومة كلما توغل المرء في الداخل. يستوحي البعض من هكذا نمط زخرفي: أن الأشياء تصبح أكثر اتحاداً عندما يقترب المرء من الحضور الإلهي وذلك لأن الله واحد . كلام عميق! الأمر أشبه بوجود بوصلة تشير إلى السلام والموجود بإتجاه واحد فقط!