حَضارَة وادي السَّند: أقدم الحضارات؟!

محتويات
  1. تاريخ حضارة وادي السند
  2. التقدم التكنولوجي في حضارة وادي السند
  3. التبادل التجاري وسقوط الحضارة

تاريخ حضارة وادي السند

     نبذة عن الحضارة: عند الخوض في الحديث عن أقدم الحضارات وجب ذكر أكثر حضارتين ترجيحاً والمتمثلتان بالحضارة الفرعونية والحضارة السومرية: حضارة ما بين النهرين. يرجع ذلك لرأي العلماء والأدلة على قِدم الحضارتين بل وإشارة البعض إلى تزامنهما في الظهور قرابة 4000 عام قبل الميلاد. إذ قال المنسق المساعد وأمين القسم البابلي في متحف فيلادلفيا، فيليب جون: “أود أن أؤكد على أن مصر وسومر كانتا متزامنتين بشكل أساسي في ظهورهما”. هكذا بقي الحال حتى جاء الوقت الذي إكتشفت فيه حضارة وادي السند في العقد الثالث من القرن العشرين والتي تقع في جنوب قارة آسيا. حيث اكتشف علماء الآثار حينها بقايا مدينة يعود تاريخها إلى 4600 عام. تعايشت هذه الحضارة المزدهرة مع كل من الدولتين المصرية وبلاد ما بين النهرين مغطية لمساحة تبلغ ضعف مساحة كل منهما.

إن حضارة وادي السند تمثل لغزاً تاريخياً وكنزاً حضارياَ لم يكتشف منه إلا القليل. وما يزيد اللغز تعقيداً هو خصائصها المميزة، إذ على عكس الحضارات المعاصرة، امتنع أُناسها عن إقامة الآثار الفخمة أو دفن الكنوز داخل المقابر. لم يتم العثور على مومياوات، ولا أباطرة، ولا أية أدلة تشير إلى إندلاع صراعات مروعة ومعارك في أراضيهم. نعم، فمن المثير للإهتمام أن ما يميز هذه الحضارة هو غياب مثل هذه الظواهر المشتركة والمتكررة بين أغلب الحضارات. وبينما إهتمت المجتمعات الأخرى بتكريس حصص هائلة من مواردها وتخصيصها لتمجيد الحكام والآلهة وللأموات تحضيراً للحياة الآخرة، اتخذ سكان وادي السند نهجاً مغايراً ويعطي أولويةً للواقع. لقد وجهوا جهودهم نحو دعم عامة الناس الأحياء وتداول الموارد داخل مجتمعهم كهدف أسمى على الرغم من أنهم اعترفوا بالحياة الآخرة وتطبيقهم لنظام التسلسل الهرمي الإجتماعي. اكتشف علماء الآثار عدداً قليلاً جداً من الأسلحة، ولا يوجد دليل يشير إلى وجود جيش دائم في مجتمعهم. كل ما سبق يشير إلى أن حضارة وادي السند تميل لكونها سلمية بشكل ملحوظ.

التقدم التكنولوجي في حضارة وادي السند

     حققت حضارة وادي نهر السند تطورات تكنولوجية كبيرة، تميزت بالدقة الملحوظة في أساليبها وأدواتها لقياس الطول والكتلة. فبعد إكتشاف الطوب المخبوز بالنار، وهو عنصر أساسي في مشاريع البناء الخاصة بهم، لوحِظ تجانسه في الحجم ومقاومته للرطوبة، مما سهل إنشاء الحمامات وأنظمة الصرف الصحي. والجدير بالذكر أنهم كانوا من أوائل الذين تبنوا المقاييس والأوزان الموحدة. إذ كان الحجم الثابت للطوب في جميع أنحاء مدنهم يجسد نوعاً من الوحدة والإنتماء بين مختلف المناطق الحضرية، مما يؤكد وجود حضارة متماسكة وذات نطاق كبير.

تتجلى أقدم أنظمة الصرف الصحي الحضرية في العالم في البقايا الأثرية لمدن حضارة وادي السند الموجودة في مدينة هارابا – Harappa: أول مدينة اكتشفت، وموهينجو داروMohenjo-daro: أكبر وأكثر المدن تطوراً، ومنطقة راخيغار- Rakhigarhi التي تلقت مؤخراً اهتماماً وتنقيباً واسع النطاق. تم إنشاء أنظمة الصرف الصحي في جميع أنحاء المدن في وادي السند، الأمر الذي أظهر مستوى عالٍ من التطور مقارنة مع المواقع الحضرية المعاصرة في الشرق الأوسط. ومن اللافت للنظر أن هذه الأنظمة كانت أكثر كفاءة من العديد من نظيراتها الحديثة في باكستان والهند. كان قد اعتمد سكان المنازل الفردية على استخراج حاجاتهم من المياه من الآبار، في حين تم توجيه مياه الصرف الصحي بكفاءة إلى المصارف المغطاة الواقعة على طول الطرق الرئيسية. تم دمج حتى أصغر المساكن في ضواحي المدينة وربطها في نظام الصرف الصحي هذا، مما يؤكد الأهمية القصوى التي كرست للحفاظ على النظافة في حضارة وادي السند من جهة، ويشير إلى الوحدة والإنتساب بين البقع المختلفة في الحضارة من جهة أخرى.

التبادل التجاري وسقوط الحضارة

     وفقاً للبيانات المرصودة، شارك أفراد مدينة هارابا في شبكة ضخمة من الطرق التجارية البحرية التي امتدت من آسيا الوسطى إلى الشرق الأوسط. رجَّج البعض أن اقتصاد الحضارة كان قد اعتمد بشكل كبير على التجارة، والتي ساهم في تسهيلها تحقيق تقدم كبير في تكنولوجيا النقل. يُعتقد أن حضارة هارابان كانت رائدة في استخدام وسائل النقل ذات العجلات، وذلك باستخدام عربات الثيران التي لا تزال سائدة في جنوب آسيا اليوم. إضافة إلى ذلك توجد بعض الأدلة الأثرية أبرزها قناة مائية كبيرة مجروفة ومنشأة لرسو السفن بالقرب من مدينة لوثال الساحلية، تشير إلى إنخراطهم في إنتاج القوارب والمراكب المائية. تم تتبع أساس الأصداف المستخدمة في الصناعة من قبل الهارابان واستُنتِج أنها تعود بالأصل لمناطق بعيدة مثل الساحل المعاصر لعمان.

لا يزال السبب وراء تراجع وانهيار حضارة وادي السند لغزاً، لكن العلماء طرحوا عدة نظريات. يُقترح أن بعض العوامل ربما لعبت دوراً مثل: تغير المناخ، جفاف نهر ساراسفاتي، التغيرات في أنماط الرياح الموسمية التي كانت تدعم الزراعة، الإكتظاظ السكاني في المناطق الحضرية، تراجع التجارة مع مصر وبلاد ما بين النهرين، أو مزيج من هذه العوامل. في الوقت الحاضر، توفر الحفريات الجارية في العديد من المواقع المكتشفة سابقاً إمكانية الكشف عن رؤى إضافية حول تطور الحضارة وتدهورها في نهاية المطاف.

  1. Indus Civilization: References & Edit History. Encyclopædia Britannica. (n.d.).
  2. Mark, J. J. (2022, August 3). Indus valley civilization. World History Encyclopedia.
  3. Independence Hall Association. (n.d.). Early civilization in the Indus Valley. ushistory.org.
  4. Indus River Valley Civilizations (article). Khan Academy. (n.d.).
  5. حضارة وادي السند، أو حضارة وادي الإندوس. حضارة. (2021, July 4). 
  6. RT Arabic. (2022, September 13). ما هي أقدم حضارة في العالم؟.
  7. نبذة عن حضارة وادي السند. موضوع. (2022, October 9).

مقالات تاريخية أخرى

أحدث المقالات

قد يعجبك أيضاً

Scroll to Top