كَيفَ تُؤثر المَلابس عَلى الإنسان؟

محتويات
  1.  الثياب تمتلك طاقة
  2. علاقة الملابس بالنشاط والمكان
  3. المفاهيم الخاطئة لقوة الملابس

الثياب تمتلك طاقة

نعم، للملابس طاقة تؤثر بطريقة غير مباشرة على عقل الإنسان ونفسيته وأفعاله. عام 2012 أجرى العالمين هاجو آدم وآدم.د تجربة لتوضيح هذه النظرية حيث قاموا بتقسيم عدد من الأشخاص الى مجموعتين. وطلبوا من المجموعة رقم واحد إرتداء ملابس عادية ومن المجموعة الثانية، إرتداء الروب الأبيض (البالطو الخاص بالمختبرات) فوق الملابس. أُجري على المجموعتين إختبارات قدرات ذهنية (إختبارات ذكاء وسرعة تفكير). هنا كانت النتيجة الصادمة …
المجموعة الثانية اللتي ارتدت الروب ارتكبت أخطاء أقل. بمعنى آخر، أخطاء المجموعة الثانية تعادل تقريباً نصف أخطاء المجموعة الأولى فقط!
أجريت التجربة مرة أخرى ولكن بطريقة مختلفة حيث ارتدت المجموعتان الروب الأبيض (ونفس النوع). الفرق في هذه التجربة لم يكن فرقاً نظرياً وإنما لفظياً. إذ أخبر العلماء المجموعة الأولى أن الروب الذي يرتدونه هو روب خاص بالأطباء. على غرار ذلك، أخبروا المجموعة الثانية أنهم يرتدون روباً خاصاً بالرسامين. إستخدم العلماء هذه الحيلة الذهنية (النفسية) بهدف إكتشاف مدى تأثير نظرتنا تجاه الملابس على أنفسنا.
والآن إليكم النتيجة المدهشة ..
أفراد المجموعة الأولى، اللذين أُخبروا أنهم يرتدون روب الأطباء، كان أداؤهم أفضل بكثير وأعلى كفاءة من المجموعة الثانية عند أدائهم للإختبارات نفسها الخاصة بالذكاء وسرعة التفكير. العلماء أطلقوا على هذه الظاهرة الغريبة مصطلح “Enclothed cognition”.
هذا المصطلح يرتبط بمدى تأثير القوة الرمزية للملابس على العمليات النفسية. أي أن القوة الرمزية للروب الأبيض تختلف على حسب تسميتك له ونظرتك إليه. وكما ذكرنا في التجربة الثانية، أُخبر أفراد المجموعة الثانية أنهم يرتدون الروب الأبيض الخاص بالرسامين. وكنتيجة لذلك، قدموا أداءً ضعيفاً نسبياً مقارنة بالمجموعة الأولى. نُلاحظ تأثير مسمى روب الأطباء على مسمى روب الرسامين ولعل ذلك يرجع للإعتقاد السائد بتقدم وذكاء وحنكة الأطباء وعلو مهنتهم على أغلب بل سائر المهن.
التجربة الثانية وإرتداء المجموعتين للروب الأبيض

علاقة الملابس بالنشاط والمكان

نظراً لما ذكر أعلاه، إرتداء الروب الأبيض بإعتبار أنه للطب أو للمختبرات أو للرسم، سيجعلك تتصرف إما بمسؤولية وإهتمام وتفكير أفضل (كما لو أنك بموضع الأطباء) أو حذر أكثر (كأنك تجري إختبار في إحدى المختبرات) أو بطريقة فنية وإبداعية أكثر (كالرسامين).
ومن التطبيقات الواقعية لهذه النظرية: إذا كان شخصاً ما لا يملك طاقة كافية ولا دافعاً ليبدأ بأي نوع من الرياضة، فبكل بساطة وبمجرد أن يرتدي ملابس مريحة ورياضية، سيشحن نفسه بنوع من الحماس والطاقة – إن صح التعبير- للمباشرة بالتمرين!
التفسير العلمي لما سبق هو تأثير إرتداء الملابس الرياضية والذي يكون بمثابة تحفيز ذهني لإتخاذ قرارات صحية وإتباع نمط حياة رياضي ونشط.
في دراسة أخرى حول تأثير الملابس النظيفة على نفسية الفرد، أظهرت النتائج الأولية بأن الشخص يكون أكثر سعادة وإسترخاء عندما إرتدائه لملابس نظيفة، وذهنه يكون نشيطاً بشكل كبير. نعم، فحتى نظافة الملابس لها تأثير على النفسية. تؤثر الملابس على نفسية الإنسان بنطاق أوسع من ذلك بكثير إذ يقول العالم Matthew Hutson
“ما ترتديه يمكن أن يؤثر على مهارات التفكير والتعامل، وحتى مستويات الهرمونات ومعدل ضربات القلب”!
مثلاً: الفائزين بالرياضات القتالية بأولومبياد 2004 كانو يعتمدون على إرتداء اللون الأحمر أكثر من اللون الأزرق اللذي يرتديه الشخص المنافس. وأيضاً كانوا قادرين على رفع أثقال أكثر قبل المباراة بالإضافة إلى المعدل العالي لضربات القلب لديهم مقارنة بالخصم.
تنص الأبحاث التي أجريت لتوضيح هذه الفروقات أنه عند إرتداء لون دون الآخر، فإن للألوان تأثير نفسي واضح على اللاعبين (على الإنسان والمخلوقات بشكل عام) وتختلف من لون لآخر. لذلك فإن الألوانَ أيضاً تلعب دوراً كبيراً في زيادة الطاقة لدى الانسان بل وحتى تعديل مزاجه.

المفاهيم الخاطئة لقوة الثياب

من المهم أن نختار الملابس الراقية  ذات اللون والشكل والتأثير المناسب لنا. لكن، هذا لا يعني أن تكون ملابسنا ذات قيمة مادية عالية جداً أو من ماركات عالمية حتى تكون مناسبة وجميلة. ففي هذا السياق يقول الكاتب جورج برنارد شو: “اللباس المكلف يدل على ضعف عقلي”.
المؤلف الأيرلندي الشهير جورج برنارد شو
ويقول الشاعر:
                  قد يُدرِكٌ المَجدَ الفَتى وإزِارُه .. خلقٌ وجَيب قَميصِهِ مَرقوعُ
قد نرى بعض الأفراد بالمجتمع الذين بمجرد أن يكتسوا بثوب أنيق أو قميص من متاجر عالمية مكونة من بعض الحروف، يترفع ويتفاخر على الآخرين كما لو أنه إعتلى أو إرتقى على غيره ببضع خرق من اللباس.
رداً على هذه العينات، أنشد ابن دريد :
                 يُغايظُونا بقُمْصانٍ لهم جُددٍ .. كأنّنا لا نَرى في السُّوقِ قُمصاناً
                 لَيسَ القَميصُ وإنْ جدَّدت رقعَته .. بجاعلٍ رجُلاً إلاّ كما كانا 
  1. Adam, H., & Galinsky, A. D. (2012, February 21). Enclothed cognition. Journal of Experimental Social Psychology. https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S0022103112000200
  2. Hutson, M. (2016, January 1). Dress for success: How clothes influence our performance. Scientific American. https://www.scientificamerican.com/article/dress-for-success-how-clothes-influence-our-performance/
  3. Goldstein, M. (2021, March 2). How to control your thoughts and be the master of your mind. Lifehack. https://www.lifehack.org/articles/lifestyle/how-to-master-your-mind-part-one-whos-running-your-thoughts.html
  4. YouAreNotSoSmart. (2013, September 15). Enclothed cognition. YouTube. https://www.youtube.com/watch?reload=9&v=MtPPaCBJdw0
  5. السفاريني – محمد بن أحمد بن سالم السفاريني. (1970, January 1). غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب. إسلام ويب – سعادة تمتد. https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&idfrom=586&idto=586&bk_no=44&ID=429

مقالات علمية أخرى

أحدث المقالات

قد يعجبك أيضاً

Scroll to Top