إِدْمانُ الوَجَباتِ السَّريعَة: ما سر الإدمان!

محتويات
  1. تطور الطعام عبر التاريخ
  2. إدمان الوجبات السريع

تطور الطعام عبر التاريخ

في هذا المقال سنتطرق للجواب على أبرز التساؤلات المتعلقة بالوجبات السريعة نحو: كيف نشأ التغيير بالأكل عبر التاريخ وصولاً للأكل السريع؟ وما سبب الشعور بالإنجذاب الكبير لهذا النوع من الطعام والذي يمكن أن يصل لدرجة الإدمان؟ بصياغة أخرى; ما سبب الإدمان على الوجبات السريعة؟! قبل الحديث عن إدمان أكل الوجبات السريعة، لنتعرف أولاً كيف حدث ذلك التغيير الجذري في الطعام عبر التاريخ.

بالعودة لعام 1900م، كل شيء من ناحية الطعام كان طبيعي و بسيط: كل المنتجات مستخرجة من مصدرها الطبيعي. فكانت محلية الإنتاج لا إستيراد يذكر ولا أي تعديل. 

ثم إبتداءً من عام 1910م ظهر الأكل المعالج “Processed Food”. أي: منتج تم تغييره عن شكله الأصلي، ويعتبر كل من التسخين، التعليب، التجفيف، وحتى التبريد، أشكالاً من المعالجة للطعام.

ولم يستغرق الأمر كثيراً حتى ظهر في الثلاثينات 1930م،الأكل المثلج “Frosted Food”.

وفي الأربعينات 1940م، نشأت ظاهرة المطاعم السريعة “Fast Food”. أي: طعام معالج وغالباً غير طبيعي (غير صحي).

وفي عام 1994م ظهر الأكل المعدل وراثياً (الأكل المزيف).

أما في القرن الواحد والعشرين إلى هذا اليوم، بات لدينا محلات تجارية “سوبرماركت” ضخمة وأغلب الطعام المباع فيها غير طبيعي.

تحت عنوان السُّم يملأ بيوتنا، يقول الكاتب نور الدين نجدية: “من المهم جداً أن نعلم اليوم أن معظم طعامنا يُنتج في معامل ومختبرات كيميائية بهدف الإدمان عليه”. وفي نهاية المطاف، يتم تحقيق الهدف المنشود المتمثل برفع مستوى المبيعات وتحقيق الربح المستهدف. في ضوء هذا المضوع، كثيراً ما يقول الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة والرغبة الشديدة بالوجبات السريعة: أنهم يرغبون في تناول كميات أقل من الطعام. لكن ما يمنعهم هو الشعور بالعجز إلى حدٍ ما، عن التوقف عن الأكل وخصوصاً هذا النوع من الطعام (الفاست فود). المثير للجدل، أن الأبحاث الجديدة تشير إلى أن هذا الإدعاء أو العذر قد يكون صحيحاً للغاية، بسبب تكون حالة من الادمان نتيجة لتناول بعض أنواع الوجبات السريعة من المطاعم المشهورة! 

إدمان الوجبات السريعة

أجرى بعض الباحثون تجربة على مجموعتين من الفئران حيث قاموا بتقديم نظام غذائي صحي وسليم للمجموعة الأولى. وقدموا للمجموعة الثانية نظام غذائي يحتوي على طعام غير صحي ومليء بالسعرات الحرارية والدهون والسكريات، لدرجة أنهم إكتسبوا وزناً كبيراً وبسرعة. قاموا حينها بصعق الفئران بصدمة كهربائية في أقدامهم بهدف إيقافهم عن تناول الطعام.

فئران المجموعة الأولى توقفوا فوراً عن تناول الطعام. أما بالنسبة لفئران المجموعة الثانية، أصبح تناول الطعام كما لو أنه أمراً إلزامياً لهم، فلم يتوقفوا عن الأكل! نعم، لدرجة أنهم استمروا في تناول الطعام حتى بعدما تعرضوا للصدمة الكهربائية. الأكثر إدهاشاً، أنه عندما أخذوا الطعام غير الصحي من هذه الفئران واستبدلوها بطعام صحي، إمتنعت الفئران عن الأكل وأضربت عن الطعام لمدة أسبوعين; رفضوا تناول أي شيء على الإطلاق.

بأخذ فكرة هذه التجربة إلى أرض الواقع، نرى بأن هذا النظام الغذائي السيء وذو الهدف الإقتصادي البحت، يحتوي على عناصر من شأنها تقييد وحصر الإنسان في حيز الإدمان. يرجع ذلك لوجود بعض العناصر الأساسية في الطعام بكميات كبيرة مثل: الدهون المعالجة والمكررة غير المفيدة للجسم، الملح، والسكر (أو ما يسمى بالسمَّين الأبيضين). ويتوقع أن من شأن هذا النظام الغذائي الذي أصبح منتشراً بكثرة، أن ينزل متوسط أعمار البشرية من 7 إلى 12 سنة! وذلك نتيجة لإحكام سيطرته على الجيل الجديد وبقوة.

العناصر الثلاثة اللتي ذكرت، يتم الإعتماد عليها بشكل أساسي لخلق حالة من الإدمان على الوجبات السريعة تصل لدرجة أن بعض المستهلكين لهذه الوجبات، لا يقوُون على التوقف عن الأكل بمجرد المباشرة فيه. تسمى العنصار السابقة بالعناصر المحفزة; لأنها إذا إجتمعت في وجبة الطعام، يطلبها الجسد أكثر وأكثر، حتى يصبح ضحية الإدمان. فقد كشفت مجلة نيو ساينتيست “New Scientist”: (أن نسبة الدهون والسكريات الموجودة في وجبة واحدة من الوجبات السريعة، كفيلة بإخلال توازن الجسم في تحكُّمه بتناول وجباته). وذلك لأنها تعمل على زيادة إفراز مادة جالانين “Galanin” الموجودة في الدماغ والمحفِّزة لطلب المزيد من الطعام.

إضافة إلى ذلك، أثبتت الدِّراسات أن بعض هذه الوجبات تحتوي على مواد كيميائية يصعب الإبتعاد عنها : كمن كان مدمناً على المخدِّرات. فيضاف إلى بعض أنواع الطعام التجاري منكه يسمى ب” Monosodium glutamate ” (MSG)، وهو نوع من الملح المركز الذي يستخدم لرفع حدَّة نكهة الطعام. ولكون هذا المنكه رخيصاً جداً، تعتمد عليه بعض الشركات الغذائية لزيادة مبيعاتها! فمثلا يتم إستخدام طعام رخيص قليل الجودة ومحضر بسرعة وعناية سطحية، ثم يضاف إليه منكه ال”MSG” كمحسن للنكهة. وبالتالي يحققون أرباحاً أكثر بكثير من إستخدام طعام عالي الجودة والذي يتتطلب تكلفةً، وعنايةً، ووقتاً أطول. الجدير بالذكر أن هذا المنكه يسبب أحيانا الشعور بالجوع المفاجئ بعد الإنتهاء من وجبة كبيرة وهذا ما يفسر الجوع المفاجئ بعد تناول بعض وجبات الأكل السريع الشهيرة. أما بروتين ال”Casein” فغالباً ما يشار إليه بأنه نيكوتين الوجبات السريعة. إذ يقول العلماء: (أن كثير من الناس أصبحو مدمنين للجبن من دون أن يشعروا والسبب هو وجود هذه المادة). وفي دراسة أخرى نشرت على مجلة “PNAS” العلمية، أعطى الباحثون للفئران نظاماً غذائياً منتظماً لمدة خمسة أيام. ثم حولوا الطعام إلى طعام بنكهة الشوكولاتة; يحتوي على نسبة عالية من السكر. عندما حرموا الفئران من الأطعمة السكرية، ظهرت عليهم علامات القلق وتصرفت أدمغتهم كما لو أنهم يتعالجون من الكحول أو المخدرات!

إدمان الوجبات السريعة
  1. Coghlan, A. (2003, October 24). Fast foods trick the body. New Scientist. https://www.newscientist.com/article/mg18024181-500-fast-foods-trick-the-body/
  2. Cardiff, E. (2020, September 8). Addictive ingredients in fast food and their effect on your body. One Green Planet. https://www.onegreenplanet.org/natural-health/addictive-ingredients-in-fast-food-and-their-effect-on-your-body/
  3. ARAM TV . (2014). خواطر 10 | الأكل المزيف | الحلقة 7. YouTube. Retrieved from https://www.youtube.com/watch?v=LrwYbLCYXHA&t=981s.
  4. نور الدين. (2017, June 1). الـسُّـم يـمـلأ بـيـوتـنـا. الجزيرة نت: آخر أخبار اليوم حول العالم. https://www.aljazeera.net/blogs/2017/6/1/%D8%A7%D9%84%D9%80%D8%B3%D9%80%D9%85-%D9%8A%D9%80%D9%85%D9%80%D9%84%D8%A3-%D8%A8%D9%80%D9%8A%D9%80%D9%88%D8%AA%D9%80%D9%86%D9%80%D8%A7
  5. أحمد يوسف. (n.d.). بحث عن الوجبات السريعة. موضوع. https://mawdoo3.com/%D8%A8%D8%AD%D8%AB_%D8%B9%D9%86_%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AC%D8%A8%D8%A7%D8%AA_%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B1%D9%8A%D8%B9%D8%A9\

مقالات علمية أخرى

أحدث المقالات

قد يعجبك أيضاً

Scroll to Top