قِصَّةُ إكْتشَاف القَهْوَة - القَهْوَة بَيْنَ الحَلال والحَرام!

محتويات

تاريخ نبات البن: قصة إكتشاف القهوة

قصة اكتشاف القهوة محاطة بالأساطير، لكن جذورها تعود إلى غابات القهوة القديمة في إثيوبيا. وفقًا لإحدى الحكايات التي تعود للقرن التاسع، لاحظ راعي ماعز أثيوبي يُدعى كالدي أن قطيعه أصبح نشطا بشكل غير مألوف بعد تناوله لبعض الثمار الشبيهة بالتوت. بعد أن مضغ نفس الثمار، كان سعيدًا جدًا لدرجة أنه قرر أن يشارك النتائج التي توصل إليها مع راهب في دير قريب. امتنع الراهب عن تذوقها في البداية، إذ ظن الرهبان أن الثمرة من عمل الشيطان، فألقوها في النار. وبينما هي كذلك، ملأت الهواء رائحة البن المحمص الجميلة. فبسرعة، رفعوا الثمار المحمصة عن النار، وسحقوها، ووضعوها في الماء الساخن بهدف الحفاظ عليها. لاحقا، قرر الرهبان شرب هذا الخليط اللذيذ واكتشفوا أنه يساعدهم على السهر والبقاء يقظين أثناء أثناء أدعيتهم وصلواتهم في الليل. وهكذا كانوا قد أعدِّوا أول فنجان قهوة في العالم. ثم نشر الرهبان الخبر، وهكذا انتقل اكتشاف القهوة شرقًا، ووصل إلى شبه الجزيرة العربية حيث بدأت رحلة القهوة التي حملت هذه الحبوب حول العالم. (1)(3)
هناك العديد من الأساطير الأخرى حول اكتشاف القهوة، أبرزها تتعلق بربط تاريخ القهوة باليمن بدلا من إثيوبيا. إذ يروى أنه أثناء قيام رجل صوفي من اليمن برحلة حج في إثيوبيا، اكتشف القهوة عندما لاحظ رد فعل غريب لدى بعض الطيور بعد أن تناولت ثمار نبات القهوة. حيث لاحظ زيادة النشاط فيها، فحينها اتخذ قرارًا بتذوق الفاكهة التي جعلته يشعر باليقظة والنشاط. ومع ذلك، يعتقد الكثيرون أن اليمن كانت الوجهة الأولى لصادرات البن الإثيوبية. وأنه في وقت لاحق، تم جلب نباتات البن إلى اليمن من قبل التجار، الذين بدأوا في زراعتها هناك. (2)(3)

النبيذ العربي: القهوة بين الحلال والحرام!

من مشروب يمد بالنشاط ويشعر باليقظة إلى نبيذ يتعاطونه على هيئة الشراب. نعم، ففي مكة آنذاك، ازدادت شعبية مشروب القهوة عند العرب وأصبح متاحًا على نطاق واسع حتى بات يسوَّق له على أنه كحول. تطور عن كونه مجرد مشروب من ثمار البن، فقد تم تداوله ومشاركته بين الأفراد وربطه بنشاطات متعلقة بالرهان، وهو ما يخالف الشريعة الإسلامية. وصل الأمر إلى أن صنف مشروب القهوة ب”المفسد للبدن المعتدل”! من قبل أحد أكبر الأطباء في المنطقة حينها. 

الجدير بالذكر إستخدام القواميس العربية لمصطلح “القهوة” للإشارة إلى النبيذ، الأمر الذي يعود إلى العصرين الأموي والعباسي. وفي نص كتب قبل حوالي قرنين من اكتشاف القهوة، يقال بأن مصطلح القهوة هو الخمر: وذلك لأنه يُقهي (أي يذهب برغبة شاربه) عن الطعام. نعم، فقد أثارت القهوة الخلاف بين الجميع وحتى عند الفقهاء. إذ اعترض أحد الفقهاء على تصنيف الأطباء للقهوة معلقين أن ثمار البن تعود بالفائدة ومباحة الاستخدام. إلا أن إدعاء الطرف المقابل (الأطباء والمؤيدين لهم من الفقهاء وغيرهم) أن شراب القهوة يجر إلى المعصية مما يوجب تحريمه. وهنا كانت الشرارة لاندلاع نار الخلاف ليتم بعدها في عام 917 هـ، الإعلان بأمر حظر استهلاك القهوة في مكة وضواحيها من قبل الأمير خير بك. فما بين شيخ يؤلف رسالة بتحريمها، وعالم يؤلف رسالة معارضة، سرعان ما احتلت القهوة منزلة بين الشعوب. وأصبح الطلب على القهوة يزداد يوما بعد يوم، إلى أن اكتسبت تجارة القهوة شعبية كبيرة وأثبتت دورها الفعال في النمو الاقتصادي. إضافة إلى ذلك، كان الشعراء والفقهاء الذين أيدوا تناول القهوة يتغنون بها في أشعارهم كنظم أحدهم للبيتين التاليين:

أنا المعشوقة السمرا – أجلي في الفناجين
وعُود الهند ليعطر – وذكري شاع في الصين!

وبما أن القهوة – الخمر سابقا – تصيب العقل بالبلادة، وفي الجانب المقابل قهوة البن تنشط الذاكرة وتساعد على أداء المهام، فسرعان ما كُشفت حقيقة الخلاف على “القهوة” للجميع وأزيح الستار عن المعنى السلبي المنسوب لمصطلح القهوة. كنتيجة لذلك، تم التراخي في أمر حظر القهوة والتراجع عنه لينتصر بذلك عشاق القهوة على من رفضوا استهلاكها. وهكذا غدت القهوة مشروب الشعوب على مر السنين، بل واقترنت بثقافات وعادات فريدة لدى بلدان مختلفة. (5)(4)

تجسيد لعملية تحميص القهوة، بعدما اكتشفوا أن للبَن المحمص رائحة وطعم رائعين.

مقالات تاريخية أخرى

أحدث المقالات

قد يعجبك أيضاً

Scroll to Top